و قال أنس رضي اللَّه تعالى عنه: كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) كثير العرق [1].
رواه مسلم.
و قالت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها فيما رواه ابن عساكر و أبو نعيم: كنت قاعدة أغزل و النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم) يخصف نعله فجعل جبينه يعرق و جعل عرقه يتولّد نورا فبهتّ فقال: مالك بهت؟
قلت: جعل جبينك يعرق و جعل عرقك يتولّد نورا و لو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره حيث يقول في شعره:
و مبرّأ عن كلّ غبّر حيضة* * * و فساد مرضعة و داء معضل
و إذا نظرت إلى أسرّة وجهه* * * برقت بروق العارض المتهلّل
الأول: قال إسحاق بن راهويه (رحمه اللّه تعالى): إن هذه الرائحة الطيبة كانت رائحة رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) من غير طيب.
و قال النووي (رحمه اللّه تعالى): و هذا مما أكرمه اللَّه تعالى به.
قالوا: و كانت الريح الطيبة صفته (صلّى اللّه عليه و سلم) و إن لم يمسّ طيبا، و مع هذا كان يستعمل الطيب في أكثر أوقاته مبالغة في طيب ريحه لملاقاة الملائكة و أخذ الوحي و مجالسة المسلمين.
الثاني: مبدأ هذه الرائحة الطيبة بجسده (صلّى اللّه عليه و سلم) من ليلة الإسراء. روى ابن مردويه عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه قال: كأن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) منذ أسري به ريحه ريح عروس و أطيب من ريح عروس.
الثالث: ما اشتهر على ألسنة بعض العوام أن الورد خلق من عرق رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، فقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر و أبو زكريا يحيى النووي و الحافظ و الشيخ و غيرهم: إنه باطل لا أصل له. و الحديث رواه الدّيلمي في مسند الفردوس من طريق مكي بن بندار و قد اتهمه الدارقطني بوضع الحديث. و له طرق بيّنت بطلانها في كتابي «إتحاف اللبيب في بيان ما وضع في معراج الحبيب».