و قال أنس رضي اللَّه تعالى عنه: رأيت رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يرفع يديه في الدّعاء حتى يرى بياض إبطيه.
رواه البخاري و غيره.
و قال جابر بن عبد الله رضي اللَّه تعالى عنهما: كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا سجد يرى بياض إبطيه [1].
رواه ابن سعد.
و قال رجل من بني حريش رضي اللَّه تعالى عنه: ضمّني رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فسأل عليّ من عرق إبطيه مثل ريح المسك.
رواه البزار.
قال الحافظ محب الدين الطبري (رحمه اللّه تعالى): من خصائص النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) أن الإبط من جميع الناس متغير اللون غيره (صلّى اللّه عليه و سلم).
و ذكر القرطبي مثله و زاد: أنه لا شعر عليه. و جرى على ذلك الإمام الإسنوي (رحمه اللّه تعالى). و سيأتي الكلام على ذلك في الخصائص إن شاء اللَّه تعالى.
تنبيهات
الأول: وصف أنس و غيره كفّ رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بالليونة، و هو مخالف لوصف هند له بالشّثن و هو الغلظ مع الخشونة كما قال الأصمعي.
قال الحافظ (رحمه اللّه تعالى): و الجمع بينهما: أن المراد باللّين في الجلد و الغلظ في العظام، فيجتمع له نعومة البدن و قوّته.
قال ابن بطّال [2] (رحمه اللّه تعالى): كانت كفه (صلّى اللّه عليه و سلم) ممتلئة لحما غير أنها مع ضخامتها كانت ليّنة كما في حديث المستورد. و أما قول الأصمعي: الشّثن غلظ الكف مع خشونة فلم يوافق على تفسيره بالخشونة، و الذي فسّر به الخليل أولى. و على تسليم ما فسّر به الأصمعي يحتمل أن يكون وصف كف النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، فكان إذا عمل في الجهاد أو مهنة أهله صار كفّه خشنا للعارض المذكور، و إذا ترك ذلك رجع إلى أصل جبلّته من النعومة.
و قال القاضي: فسّر أبو عبيد الشّثن بالغلظ مع القصر و تعقّب بأنه ثبت في وصفه صلى (صلّى اللّه عليه و سلم) أنه كان سائل الأطراف. انتهى.
[1] أخرجه أحمد في المسند 1/ 233 و ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 225.
[2] علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال، أبو الحسن: عالم بالحديث، من أهل قرطبة. له «شرح البخاري» توفي سنة 449 ه [انظر الأعلام 4/ 285].