خرج المطعم بن عديّ و قد لبس سلاحه هو و بنوه ستّة أو سبعة. فقال لرسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): طف.
و احتبوا بحمائل سيوفهم بالمطاف فأقبل أبو سفيان إلى المطعم بن عديّ فقال: أ مجير أم تابع؟
قال: بل مجير. قال: إذن لا تخفر قد أجرنا من أجرت. فجلس معه حتى قضى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) طوافه، فلما انصرف إلى بيته و انصرفوا معه، فذهب أبو سفيان مجلسه.
فمكث رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) أياما ثم أذن له اللَّه عز و جل في الهجرة، فلما هاجر رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): توفى المطعم ابن عديّ بعده، و لأجل هذه السابقة التي سبقت للمطعم قال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «لو كان المطعم بن عديّ حيّا ثم كلمني في هؤلاء النّتنى- يعنى أسارى بدر لأطلقتهم له».
تنبيهان
الأول: قال ابن الجوزي: ربما عرض لملحد قليل الإيمان فقال: ما وجه احتياج رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إلى أن يدخل في خفارة كافر و أن يقول في المواسم: من يؤويني حتى أبلّغ رسالة ربي.
فيقال له: قد ثبت أن الإله القادر لا يفعل شيئا إلا لحكمة، فإذا خفيت حكمة فعله علينا وجب علينا التسليم. و ما جرى لرسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إنما صدر عن الحكيم الذي أقام قوانين الكلّيات و أدار الأفلاك و أجرى المياه و الرياح، كلّ ذلك بتدبير الحكيم القادر، فإذا رأينا رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يشدّ الحجر من الجوع و يقهر و يؤذى علمنا أن تحت ذلك حكما إن تلمّحنا بعضها لاحت من خلال سجف البلاء حكمتان.
إحداهما: اختيار المبتلى ليسكن قلبه إلى الرضا بالبلاء فيؤدّي القلب ما كلّف من ذلك و الثانية: أن تبثّ الشبهة في خلال الحجج ليثاب المجتهد في دفع الشبهة.
الثاني: في بيان غريب ما سبق.
المنعة: بفتح النون: النّصرة و الحماية.
عمد: بعين مهملة فميم مفتوحة في الماضي و في المستقبل بكسرها: و عن الليلي كسرها أيضا في الماضي. يمرط: يمزّق.
أما و حقّ: بفتح الهمزة و تخفيف الميم: حرف تنبيه و استفتاح.
خطرا: بخاء معجمة مفتوحة فطاء مهملة فراء: القدر و المنزلة.