ألا هل أتى بحريّنا صنع ربّنا* * * على نأيهم و اللَّه بالنّاس أرود
فيخبرهم أنّ الصّحيفة مزّقت* * * و أن كلّ ما لم يرضه اللَّه مفسد
ترواحها إفك و سحر مجمّع* * * و لم يلف سحر آخر الدّهر يصعد
فمن ينس من حضّار مكّة عزّة* * * فعزّتنا في بطن مكّة أتلد
نشأنا بها و النّاس فيها قلائل* * * فلم ننفكك نزداد خيرا و نحمد
و نطعم حتّى يترك النّاس فضلهم* * * إذا جعلت أيدي المفيضين ترعد
جزى اللَّه رهطا بالحجون تتابعوا* * * على ملاء يهدي لحزم و يرشد
قعود لدى خطم الحجون كأنّهم* * * مقاولة بل هم أعزّ و أمجد
أعان عليها كلّ صقر كأنّه* * * إذا ما مشى في رفرف الدّرع أحرد
جريء على جلّى الخطوب كأنّه* * * شهاب بكفّي قابس يتوقّد
من الأكرمين من لؤيّ بن غالب* * * إذا سيم خسفا وجهه يتربّد
ألظّ بهذا الصّلح كلّ مبرّأ* * * عظيم اللّواء أمره ثمّ يحمد
قضوا ما قضوا في ليلهم ثمّ أصبحوا* * * على مهل و سائر النّاس رقّد
هم رجعوا سهل بن بيضاء راضيا* * * و سرّ أبو بكر بها و محمّد
متى شرك الأقوام في جلّ أمرنا* * * و كنّا قديما قبلها نتودّد
فيا لقصيّ هل لكم في نفوسكم* * * و هل لكم فيما يجيء به عد
فإنّي و إيّاكم كما قال قائل* * * لديك بيان لو تكلّمت أسود
[1]
[تفسير الغريب]
البحريّ: هنا يراد به من كان هاجر من المسلمين إلى الحبشة في البحر.
نأيهم: بعدهم. أرود: أرفق.
يراوحها بمثناة تحتية فراء فألف فواو فحاء مهملة أي تعتمد على الإفك مرة و على السّحر المجمع أخرى.
يلف: بالفاء: يوجد.
فمن ينس: أراد ينسى فحذف الألف.
أتلد: أقدم.
الخير: الكرم.
[1] انظر الروض الأنف 2/ 124، 125 و البداية و النهاية 3/ 97، 98.