و مسند الحكم إلى الأصنام* * * فكلّكم أوره كالكهام
أما ترون ما أرى أمامي* * * من ساطع يجلو دجى الظّلام
قد لاح للنّاظر من تهام* * * أكرمه الرّحمن من إمام
قد جاء بعد الكفر بالإسلام* * * و البرّ و الصّلات للأرحام
و يزجر النّاس عن الآثام* * * فبادروا سبقا إلى الإسلام
بلا فتور و بلا إحجام
قال عمر: فقلت و اللَّه ما أراه إلا أرادني. ثم مررت بالضّمار فإذا هاتف يهتف من جوفه:
ترك الضّمار و كان يعبد مرّة* * * قبل الصّلاة مع النّبيّ محمّد
إنّ الّذي ورث النّبوّة و الهدى* * * بعد ابن مريم من قريش مهتدي
سيقول من عبد الضّمار و مثله* * * ليت الضّمار و مثله لم يعبد
فاصبر أبا حفص فإنّك امرؤ* * * يأتيك عزّ غير عزّ بني عدي
لا تعجلنّ فأنت ناصر دينه* * * حقّا يقينا بالّلسان و باليد.
قال عمر: فو اللَّه لقد علمت أنه أرادني. فلقيني رجل من قريش.
قال ابن إسحاق: هو نعيم بن عبد الله النحّام و كان قد أسلم و كان يخفي ذلك فرقا من قومه. فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب؟ قلت: أريد هذا الصابئ الذي فرّق أمر قريش و سفّه أحلامها و عاب دينها و سبّ آلهتها فأقتله. فقال له نعيم: و اللَّه لقد غرّتك نفسك من نفسك يا عمر أ ترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على وجه الأرض و قد قتلت محمدا؟ أ فلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ قال: و أيّ أهل بيتي؟ قال: ختنك و ابن عمك سعيد بن زيد بن عمر و أختك فاطمة بنت الخطاب، فقد و اللَّه أسلما و تابعا محمدا على دينه فعليك بهما. و إنما فعل ذلك نعيم ليصرف عمر عن أذى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم).
فرجع عمر عامدا إلى أخته و ختنه.
و كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا أسلم بعض من لا شيء له ضمّ الرجل و الرجلين إلى الرجل ينفق عليه، و كان ضمّ رجلين من أصحابه إلى زوج أخت عمر فقرع عمر عليهم الباب و عندهم خبّاب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئهما إياها فلما سمعوا حسّ عمر تغيّب خبّاب في مخدع لهم أبو في بعض البيت و أخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها و قد سمع حين دنا من البيت قراءة خبّاب عليهما، فلما دخل قال: ما هذه الهينمة التي سمعت؟ قالا له: ما سمعت شيئا. قال: بلى و اللَّه لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه.