و قال محمد بن سيرين (رحمه اللّه تعالى): سألت أنسا أ كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يخضب؟
قال: لم يبلغ الخضاب.
رواه الشيخان.
و لمسلم عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه: «و لو شئت أن أعدّ شمطات كنّ في رأس رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) لفعلت» [1].
فائدة
روى ابن سعد عن يونس بن طلق بن حبيب (رحمه اللّه تعالى) أن حجّاما أخذ من شارب رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) فرأى شيبة في لحيته فأهوى إليها، فأمسك النبيّ- (صلّى اللّه عليه و سلم) بيده و قال: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة».
تنبيهات
الأول: قال الحافظ (رحمه اللّه تعالى): عرف من مجموع الروايات أن الذي شاب في عنفقته (صلّى اللّه عليه و سلم) أكثر من الذي شاب في غيرها. و قول أنس لما سأله قتادة هل خضب؟: «إنما كان شيء في صدغيه» أراد أنه لم يكن في شعره ما يحتاج إلى الخضاب. و قد صرّح بذلك في رواية محمد بن سيرين السابقة.
الثاني: اختلف في عدد الشعرات التي شابت في رأسه (صلّى اللّه عليه و سلم) و لحيته. فمقتضى حديث عبد اللَّه بن بسر [2] أنّ شيبه (صلّى اللّه عليه و سلم) كان لا يزيد على عشر شعرات لإيراده بصيغة القلة. و في رواية ابن سعد: لم يبلغ ما في لحيته من الشعر عشرين شعرة. قال حميد: و أومأ إلى عنفقته سبع عشرة.
و روى أيضا عن ثابت عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه قال: ما كان في رأس رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و لحيته إلا سبع عشرة أو ثماني عشرة.
و روى ابن أبي خيثمة عن أنس رضي اللَّه تعالى قال: لم يكن في لحية رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) عشرون شعرة بيضاء. قال حميد: كن سبع عشرة.
و روى الحاكم من طريق عبد اللَّه بن محمد بن عقيل [1] عن أنس رضي اللَّه تعالى عنه
[2] عبد اللَّه بن بسر بن أبي بسر المازني السلمي أبو بسر. صحابي ابن صحابي له أحاديث انفرد البخاري بحديث و مسلم بحديث مات سنة ثمان و ثمانين، و قيل: سنة ست و تسعين، و هو آخر من مات بالشام من الصحابة. [انظر الخلاصة 2/ 42].