الباب السابع في مشي قريش إلى أبي طالب ليكف عنهم رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم)
قال الزّهري و ابن إسحاق: فلما بادى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قومه بالإسلام و صدع به كما أمره اللَّه لم يبعد منه قومه و لم يردّوا عليه، حتى ذكر آلهتهم و عابها.
قال العتقي: و كان ذلك سنة أربع.
فلما فعل ذلك أعظموه و ناكروه و أجمعوا لخلافه و عداوته إلا من عصم اللَّه تعالى منهم بالإسلام و هم قليل مستخفون.
و حدب على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) أبو طالب و منعه و قام دونه، و مضى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) على أمر اللَّه مظهرا لأمره لا يردّه عنه شيء.
فلما رأت قريش أن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه من فراقهم و عيب آلهتهم، و رأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه و قام دونه و لم يسلمه لهم، مشى رجال من أشرافهم إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سبّ آلهتنا و عاب ديننا و سفّه أحلامنا و ضلّل آباءنا فإما أن تكفّه و إما أن تخلّي بيننا و بينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه. فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا و ردّهم ردّا جميلا.
فانصرفوا عنه.
و مضى رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) على ما هو عليه يظهر دين اللَّه و يدعو إليه ثم شري الأمر بينه و بينهم حتى تباعد الرجال و تضاغنوا و أكثرت قريش من ذكر رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بينها فتذامروا فيه و حضّ بعضهم بعضا عليه.
ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى فقالوا له: يا أبا طالب إن لك سنّا و إن لك شرفا و منزلة فينا، و إنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنّا و إنا و اللَّه لا نصبر على هذا من شتم آبائنا و تسفيه أحلامنا و عيب آلهتنا حتى تكفّه عنا أو ننازله و إياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين. أو كما قالوا له. ثم انصرفوا عنه.
فعظم على أبي طالب فراق قومه و عداوتهم و لم يطب نفسا بإسلام رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و لا خذلانه، فأرسل خلقه فقال: يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا و كذا. للذي كانوا قالوا له. فأبق على نفسك و عليّ و لا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق.
فظن أن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قد بدا لعمّه فيه بداء و أنه خاذله و مسلمه، و أنه قد ضعف عن