responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 2  صفحه : 282

رياضا معشبة و حياضا رواء، فأكلوا و شربوا و سمنوا. فقال لهم: ألم ألقكم على تلك الحالة فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة و حياضا رواء، أن تتبعوني؟ قالوا: بلى. قال: فإن بين يديكم رياضا أعشب من هذه و حياضا أروى من هذه فاتبعوني. فقالت طائفة: صدق و اللَّه لنتبعنّه. و قالت طائفة: رضينا بهذا نقيم عليه.

تنبيهات في بعض فوائد الحديث‌

الأول: المثل: بفتح المثلثة و المراد به هنا: الصفة العجيبة الشأن، أي صفتي و صفة ما بعثني اللَّه به من الأمر العجيب الشأن كصفة رجل أتى قوما إلى آخره.

و الهدى و العلم: أي الطريقة و العمل. روى: «من ازداد علما و لم يزدد هدى لم يزدد من اللَّه إلا بعدا».

و الغيث: المطر، و إنما اختير الغيث على سائر أسماء المطر ليؤذن باضطرار الخلق إليه حينئذ. قال تعالى: وَ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا [الشورى 28] و قد كان الناس في الزمن الأول قبل المبعث و هم على فترة من الرسل قد امتحنوا بموت القلب و ذهاب العلم حتى أصابهم اللَّه برحمة من عنده فأفاض عليهم سجال الوحي السماويّ، فأشبهت حالهم حال من توالت عليه السّنون و أخلفتهم المخايل حتى تداركهم اللَّه بلطفه و أرخت عليهم السماء عزاليها، ثم كان حظّ كل فريق من تلك الرحمة على ما ذكره من الأمثلة و النظائر.

قال القرطبي و النووي تبعا للقاضي: ضرب النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم) لما جاء به من الدّين مثلا بالغيث العام الذي يأتي الناس في حال حاجتهم إليه، و كذا كان حال الناس قبل مبعثه، فكما أن الغيث يحيى البلد الميّت فكذا علوم الدين تحيي القلب الميت، ثم شبّه السامعين له بالأرض المختلفة التي نزل الغيث بها، فمنهم العالم المعلّم فهو بمنزلة الأرض الطيبة التي شربت فانتفعت في نفسها و أنبتت فنفعت غيرها.

و منهم الجامع للعلم المستغرق لزمانه فيه غير أنه لم يعمل بنوافله و لم يتفقّه فيما جمع لكنه أدّاه لغيره فهو بمنزلة الأرض التي يستقرّ فيها الماء فينتفع الناس به، و هو المشار إليه بقوله «نضّر اللَّه امرأ سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها» [1].

و منهم من سمع العلم فلا يحفظه و لا يعمل به و لا ينقله لغيره، فهو بمنزلة الأرض السّبخة أو الملساء التي لا تقبل الماء أو تفسده على غيرها.


[1] أخرجه الشافعي في ترتيب المسند 1/ 16 و الترمذي 5/ 34 (2658) و أبو داود 4/ 68 (3660) و ابن ماجة 1/ 84 (230) و أحمد في المسند 5/ 183.

نام کتاب : سبل الهدى و الرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : محمد بن يوسف الصالحي الدمشقي    جلد : 2  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست