و قال ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما: كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا أنزل عليه الوحي تربّد لذلك جسده و وجهه و أمسك عن أصحابه و لم يكلمه أحد منهم.
رواه أبو داود الطيالسي.
و قال أبو هريرة رضي اللَّه تعالى عنه: كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا أنزل عليه الوحي صدع و غلّف رأسه بالحنّاء.
رواه أبو نعيم و له طرق تأتي- في طبّه (صلّى اللّه عليه و سلم).
و قال ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما: و كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) مما يعالج من التنزيل شدّة يحرّك به لسانه و شفتيه من حبّه إياه، فأنزل اللَّه تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ قال: جَمْعه لك في صدرك ثم تقرؤه. فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ فاستمع و أنصت. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ فكان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا أتاه جبريل بعد ذلك استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) كما وعده اللَّه تعالى.
رواه الشيخان و ابن سعد.
و روى الحاكم و صحّحه عن أبي هريرة قال: كان رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا أنزل عليه الوحي لم يستطع أحد منا يرفع إليه طرفه حتى ينقضي الوحي.
تنبيهات
الأول: قال الإمام أبو شامة: و هذا العرق الذي كان يغشاه و احمرار الوجه و الغطيط و ثقله على الراحلة و على الفخذ لثقل الوحي، كما أخبره بذلك اللَّه تبارك و تعالى في ابتداء أمره بقوله: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا و ذلك لضعف قوى البشر عن تحمل مثل ذلك الوارد العظيم من ذلك الجناب الجليل.
قال ابن إسحاق: و للنبوة أثقال و مؤنة لا يحملها إلّا أهل القوة و العزم من الرسل بعون اللَّه تعالى.
الثاني: قال شيخ الإسلام البلقيني: هذا الذي كان يحصل له حين تلقّى الوحي من الجهد حال يؤخذ فيه عن حال الدنيا من غير موت، و هو مقام برزخيّ يحصل له عند تلقّي الوحي، و لما كان البرزخ العام ينكشف فيه للميت كثير من الأحوال خص اللَّه تعالى نبيّه (صلّى اللّه عليه و سلم)