الباب الخامس في قدر عمر النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) وقت بعثته و تاريخها
قال الإمام النووي (رحمه اللّه تعالى) في شرح مسلم: الصواب أنه (صلّى اللّه عليه و سلم) بعث على رأس الأربعين سنة، هذا هو المشهور الذي أطبق عليه العلماء.
و قال السّهيلي (رحمه اللّه تعالى): إنه الصحيح عند أهل السير و العلم بالأثر.
و حكى القاضي عن ابن عباس و سعيد بن المسيّب رواية شاذة أنه بعث على رأس ثلاث و أربعين سنة و الصواب الأول.
و قال شيخ الإسلام البلقيني (رحمه اللّه تعالى): كان سن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) حين جاءه جبريل في غار حراء أربعين سنة على المشهور. و قيل و يوما. و قيل و عشرة أيام. و قيل و شهرين و قيل و سنتين و قيل و ثلاثة. و قيل و خمس.
قال: و كان ذلك يوم الاثنين نهارا.
و اختلف في الشهر. فقيل شهر رمضان في سابع عشره و قيل سابعه. و قيل رابع عشره.
و قال الحافظ: و رمضان هو الراجح لما سيأتي من أنه الشهر الذي جاور فيه في حراء فجاءه الملك. و على هذا يكون سنّه حينئذ أربعين سنة و ستة أشهر.
و قيل في سابع عشر شهر رجب. و قيل في أول شهر ربيع الأول. و قيل في ثامنه.
و عند أبي داود الطيالسي ما يقتضي أنّ مجيء جبريل لرسول اللَّه عليهما الصلاة و السلام في حراء كان في آخر شهر رمضان. قال الحافظ: و لعله الراجح.
و روى الإمام أحمد و الشيخان عن ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما قال: أنزل على رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و هو ابن أربعين سنة [1].
تنبيهات
الأول: قال العلامة ابن القيم في زاد المعاد: بعثه اللَّه تعالى على رأس الأربعين و هي سن الكمال. قيل: و لها تبعث الرسل. و أما ما يذكر عن المسيح أنه رفع إلى السماء و له ثلاث و ثلاثون فهذا لا يعرف به أثر متصل يجب المصير إليه. انتهى.
و الأمر كما قال: فإن ذلك يروى عن وهب بن منبّه قال: إن النصارى تزعم. فذكر الحديث إلى أن قال: و إنه رفع و هو ابن ثلاث و ثلاثين سنة رواه الحاكم. و في سنده