الباب الرابع في بعض ما سمع من الهواتف و تنكس الأصنام
روى ابن سعد عن تميم الدريّ قال: كنت بالشام حين بعث النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) فخرجت إلى بعض حاجتي فأدركني الليل فقلت: أنا في جوار عظيم هذا الوادي فلما أخذت مضجعي إذا مناد يناديني لا أراه: عذ باللَّه فإن الجن لا تجير أحدا على اللَّه. فقلت: أيّم تقول؟ فقال: قد خرج رسول الأمّيين رسول اللَّه و صلّينا خلفه بالحجون و أسلمنا و اتبعناه، و ذهب كيد الجن و رميت بالشهب فانطلق إلى محمد و أسلم.
فلما أصبحت ذهبت إلى دير أيوب فسألت راهبا و أخبرته الخبر فقال: صدق، نجده يخرج من الحرم و مهاجره الحرم، و هو خير الأنبياء فلا تسبق إليه.
قال تميم: فتكلفت الشّخوص حتى جئت رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم).
تفسير الغريب
مضجعي: بفتح الجيم، و حكي الكسر.
أيم: قال في النور: وجدته بخط ابن قرقول مضبوطا بفتح الباء و إسكان الميم و أظنه و هما، و الصواب بفتح الهمزة و تشديد الياء و إسكانها و هما لغتان. و الميم مفتوحة. قال في النهاية: أصله أيّ ما. أي: أيّ شيء هو، فخفف الياء و حذف ألف ما.
الحجون: بفتح الحاء و ضم الجيم: جبل بمكة.
دير أيوب: قرية بحوران.
تسبق: بضم أوله و فتح الموحّدة مبني للمفعول.
الشّخوص: بضم الشين و الخاء المعجمتين فواو ساكنة فصاد مهملة: يقال شخص من البلد شخوصا إذا ذهب. غيره: أزعجه.
و روى البخاري عن عبد الله بن عمر مختصرا، و ابن إسحاق عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان، و ابن الجوزي عن محمد بن كعب القرظي، و أبو يعلى، و البيهقي و الخرائطي عن سواد بن قارب مطوّلا قال ابن عمر و محمد: إن عمر بينما هو جالس في الناس في مسجد رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إذ أقبل رجل من العرب، قال الخشني: و هو سواد بن قارب.
انتهى. داخل المسجد يريد عمر بن الخطاب، فلما نظر عمر إليه قال: إن الرجل لعلى شركه ما فارقه بعد أو لقد كان كاهنا في الجاهلية. فسلّم الرجل ثم جلس فقال له عمر: هل أسلمت؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فهل كنت كاهنا في الجاهلية؟ فقال له الرجل: سبحان اللَّه يا