ثم قال: هذا هو البيان أخبرني به رئيس الجان، ثم قال: اللَّه أكبر جاء الحق و ظهر.
و انقطع عن الجن الخبر، ثم سكت و أغمى عليه فما أفاق إلا بعد ثالثة فقال: لا إله إلا اللَّه.
فقال رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «سبحان اللَّه لقد نطق عن مثل نبوّة و إنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة».
رواه أبو جعفر العقيلي في كتاب الصحابة.
و الآثار في هذا كثيرة و فيما ذكر كفاية.
تنبيهات
الأول: قال القرطبي: اختلف في الشّهاب هل يقتل أم لا؟ فقال ابن عباس: إنه لا يخطئ و لكن يجرح و يحرق و يخبل و لا يقتل.
و قال الحسن و طائفة: يقتل.
فعلى هذا القول في قتلهم بالشهب قبل إلقائهم السمع إلى الجن قولان.
أحدهما: أنهم يقتلون قبل إلقائهم ما استرقوه من السمع إلى غيرهم. فعلى هذا لا تصل أخبار السماء إلى غير الأنبياء و بذلك انقطعت الكهانة.
و الثاني: أنهم يقتلون بعد إلقائهم ما استرقوا من السمع إلى غيرهم من الجن و لذلك ما يعودون إلى استراقه و لو لم يصل لانقطع الاستراق و انقطع الإحراق [1]. ذكره الماوردي. قال القرطبي: و الأول أصحّ.
قلت:
روى سعيد بن منصور و البخاري و أبو داود و الترمذي و غيرهم عن أبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنه أن رسول اللَّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قال: إذا قضى اللَّه تعالى الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا: ما ذا قال ربّكم؟ قالوا: الذي قال الحق و هو العليّ الكبير. فيسمعها مسترقوا السمع و مسترقوا السمع هكذا واحدا فوق آخر- و صفّ سفيان بيده و فرّج بين أصابعه نصبها بعضها فوق بعض- فيسمع الكلمةُ فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها و ربما ألقاها قبل أن يدركه