الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) و عطش أبي طالب و شكواه ذلك للنبي (صلّى اللّه عليه و سلم)
روى ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة و قريش في قحط، فقائل منهم يقول: اعتمدوا و اللات و العزّى. و قائل منهم يقول: اعتمدوا مناة الثالثة الأخرى فقال شيخ وسيم حسن الوجه جيد الرأي: أنّى تؤفكون و فيكم بقية إبراهيم و سلالة إسماعيل. قالوا: كأنك عنيت أبا طالب؟ قال: إيّها. فقاموا بأجمعهم و قمت معهم فدققنا عليه بابه فخرج إلينا رجل حسن الوجه عليه إزار قد اتّشح به فثاروا إليه فقالوا: يا أبا طالب أقحط الوادي و أجدب العيال فهلم فاستسق لنا فخرج أبو طالب و معه غلام كأنه شمس دجنّة تجلّت عليه سحابة قتماء و حوله أغيلمة فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة و لاذ بإصبعه الغلام و ما في السماء قزعة فأقبل السحاب من هاهنا و ها هنا و أغدق و اغدودق و انفجر له الوادي و أخصب النادي و البادي. و في ذلك يقول أبو طالب:
يلوذ به الهلّاك من آل هاشم* * * فهم عنده في نعمة و فواضل
و قال ابن سعد: حدثنا الأزرق، حدثنا عبد الله بن عون، عن عمرو بن سعيد أن أبا طالب قال: كنت بذي المجاز مع ابن أخي، يعني النبي (صلّى اللّه عليه و سلم)، فأدركني العطش فشكوت إليه فقلت: يا ابن أخي قد عطشت. و ما قلت له ذلك و أنا أرى عنده شيئا إلا الجزع قال: فثنى وركه ثم قال: يا عم عطشت؟ قلت: نعم. فأهوى بعقبه إلى الأرض فإذا أنا بالماء فقال اشرب فشربت.
و له طرق أخرى رواها الخطيب و ابن عساكر.
تفسير الغريب
جلهمة: بجيم مضمومة و لام ساكنة و هاء مضمومة و ميم مفتوحة.