روى الأزرقي عن علي بن الحسين- رضي اللّه تعالى عنهما- أن رجلا سأله: ما بدء هذا الطواف بهذا البيت لم كان؟ و أنى كان؟ و حيث كان: فقال: أمّا بدء هذا الطواف بهذا البيت فإن اللّه تعالى قال للملائكة: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةًفقال الملائكة: أي ربّ خليفة من غيرنا ممن يفسد فيها و يسفك الدماء و يتحاسدون و يتباغضون و يتباعدون أي رب اجعل ذلك الخليفة منّا، فنحن لا نفسد فيها و لا نسفك الدماء و لا نتباغض و لا نتحاسد، و نحن نسبّح بحمدك و نقدس لك و نطيعك و لا نعصيك. قال اللّه سبحانه و تعالى: إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ.
قال: فظنت الملائكة أن ما قالوا ردّ على ربهم عز و جل، و أنه قد غضب عليهم من قولهم، فلاذوا بالعرش و رفعوا رؤوسهم و أشاروا بالأصابع يتضرّعون و يبكون إشفاقا لغضبه فطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر اللّه تعالى إليهم فنزلت الرحمة عليهم، فوضع اللّه سبحانه و تعالى تحت العرش بيتا على أربع أساطين من زبرجد و غشّاهن بياقوتة حمراء و سمّى البيت الضّراح ثم قال للملائكة: طوفوا بهذا البيت و دعوا العرش. فطافت الملائكة بالبيت و تركوا العرش فصار أهون عليهم، و هو البيت المعمور الذي ذكره اللّه تعالى، يدخله كل يوم و ليلة سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا.
ثم إن اللّه سبحانه و تعالى بعث ملائكة فقال: ابنوا لي بيتا في الأرض بمثاله و قدره. فأمر اللّه سبحانه و تعالى من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور.
الضّراح بضم الضاد المعجمة فراء فألف فحاء مهملة. و يأتي لهذا مزيد بيان في باب حج الملائكة.
المرة الثانية: عمارة آدم (صلّى اللّه عليه و سلم)
روى البيهقي في الدلائل عن ابن عمر- رضي اللّه تعالى عنهما- قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): «بعث اللّه تعالى جبريل إلى آدم و حواء فقال لهما: ابنيا لي بيتا. فخط لهما جبريل- فجعل آدم يحفر و حواء تنقل- حتى أجابه الماء و نودي من تحته: حسبك يا آدم. فلما بناه أوحى اللّه تعالى إليه أن يطوف به و قيل له: أنت أول الناس، و هذا أول