نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 5 صفحه : 205
ثجا حتى علاه البهاء، فسقاها و سقى أصحابه فشربوا جميعا حتى أراضوا، و شرب (صلى اللَّه عليه و سلم) آخرهم و قال: ساقي القوم آخرهم، ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا،
قال: فقل ما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حيلا عجافا يتساوكن هزلا [1]، فلما رأى اللبن عجب و قال: من أين هذا اللبن يا أم معبد و لا حلوبة في البيت و الشاة عازب؟ فقالت: لا و اللَّه، إلا أنه مرّ بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت و كيت و كيت.
قال: صفيه لي يا أم معبد، فو اللَّه إني أراه صاحب قريش الّذي يطلب، فقالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة حسن الخلق، مبلج الوجه، لم تعبه ثجلة، و لم تزر به صعلة، قسيم وسيم، في عينيه دعج، و في أشفاره عطف، و في صوته صهل، أحور أكحل، أزجّ أقرن، في عنقه سطع، و في لحيته كثاثة، إذا صمت فعليه الوقار، و إذا تكلم سماه و علاه البهاء، حلو المنطق، فصل لا نزر و لا هزر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدّرن، أبهى الناس و أجمله من بعيد، و أحلاه و أحسنه من قريب، ربعة، لا تشنأه من طول، و لا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، فهو أجمل الثلاثة منظرا و أحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال استمعوا لقوله، و إن أمر تبادروا لأمره، محفود محشود، لا عابس و لا مفنّد.
قال: هذا و اللَّه صاحب قريش الّذي تطلب، و لو صادفني لالتمست أن أصحبه، و لأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا.
قال: و أصبح صوت بمكة عاليا بين السماء و الأرض، يسمعونه و لا يدرون من يقوله و هو ينشد و يقول:
جزى اللَّه ربّ الناس خير جزائه* * * رفيقين قالا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبرّ و ارتحلا به* * * فأفلح من أمسى رفيق محمد
فيال قصي ما روى اللَّه عنكم* * * به من فعال لا تجاري و سؤدد
سلوا أختكم عن شاتها و إنائها* * * فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد