نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 191
و أين الصبر على مقدمات جز المنحر بالمدية، من الصبر على شق الصدر و إخراج القلب و شقه، فإن صبر الذبيح إنما كان على ما أصابه من صورة القتل لا على فعله، و صبر المصطفى (صلى اللَّه عليه و سلم) إنما كان على مقاتل عدوه، و لكن انخرقت العادة ببقاء الحياة، و أدل دليل على مقاساته (صلى اللَّه عليه و سلم) الألم في شق صدره قوله: فأقبل و هو ممتقع اللون أو منتقع اللون، و معناه أنه صار كلون النقع، و هو الغبار، و هو شبيه بلون الأموات، هذا يدل على غاية المشقة، فكان ابتلاؤه (صلى اللَّه عليه و سلم) بشق الصدر و ما معه أعظم من ابتلاء الذبيح بما ذكر عنه باعتبارين:
أحدهما: أنه ابتلي بذلك فصبر عليه و هو طفل صغير منفرد عن أمه و يتيم من أبيه.
و الآخر: مقاساة حقيقة الشق للصدر و القلب، و غاية ما ابتلى به الذبيح التعريض بذبحه و بين المقامين في الصبر بون بعيد فتأمله.
و أمر آخر: و هو أن الذبيح توطنت نفسه على ما انتابه بقوله أبيه: إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ[1]، و الرسول (صلى اللَّه عليه و سلم) فجئه ذلك البلاء العظيم على غفلة، فإنه أختطف من الأطفال و فعل به ما فعل، و أين حال من هو مع أبيه و قد أنذره بما يفعل به، ممن يختطفه من لا يعرفه، و ينزل به ذلك البلاء العظيم، فإن البغتة أشد على النفس، و الفجاءة أقوى رعبا.