نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 4 صفحه : 187
و أما إبراهيم (عليه السلام)
فإن اللَّه تعالى اختصه بمقام الخلّة، فقال تعالى: وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا[1]، و كسّر (عليه السلام) أصنام قومه التي كانت آلهتم التي يعبدونها من دون اللَّه غضبا لربه تعالى، و حجبه من نمروذ بحجب ثلاثة، و قصم (عليه السلام) نمروذ ببرهان نبوته فبهته، و بنى (عليه السلام) البيت.
و قد آتى اللَّه تعالى نبينا محمدا (صلى اللَّه عليه و سلم) ذلك كله بمزيد شرف و أجل تكريم، فالخلة مقامه (صلى اللَّه عليه و سلم)، فيها أكمل مقام،
ثبت من طرق عديدة عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم): لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، و لكن صاحبكم خليل اللَّه.
و قد ثبت في صحيح مسلم من طريق أبي حازم عن أبي هريرة، و من طريق أبي مالك عن ربعي بن خراش، عن حذيفة قالا: قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) يجمع اللَّه الناس فيقوم المؤمنون حتى يزلف لهم الجنة، فيأتون آدم (عليه السلام) فيقولون: يا أبانا، استفتح لنا الجنة، فيقول: و هل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم؟ لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى أبيكم إبراهيم خليل اللَّه، قال: فيقول إبراهيم (عليه السلام): لست بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى الّذي كلمه اللَّه تكليما، فيأتون موسى (عليه السلام)، فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة اللَّه و روحه، فيقول عيسى (عليه السلام): لست [بصاحب] [2] ذلك، فيأتون محمدا (صلى اللَّه عليه و سلم) فيقوم، فيؤذن له [3] ...
و هذا يدل على أنه (صلى اللَّه عليه و سلم) أعطى [أعلى من] مقام الخلة، لأنه رفع له الحجاب، و كشف له الغطاء، و لو كان خليلا من وراء وراء، لاعتذر كما اعتذر إبراهيم (عليه السلام)، فإذا منصب المصطفى (صلى اللَّه عليه و سلم) هو [الأعلى]، من مفهوم قول إبراهيم (عليه السلام): إنما كنت خليلا من وراء وراء و لم يشفع، فدلّ [على] أنه إنما يشفع من كان خليلا لا من وراء وراء، مع الكشف و العيان، و قرب المكانة من حضرة القدس لا المكان، و ذلك مقام المصطفى (صلى اللَّه عليه و سلم).