responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين    جلد : 4  صفحه : 151

و أما تقرير نسخ الملة المحمدية لسائر الملل‌

فإنا نقول: أكبر خصومنا في ذلك اليهود، فلنجعل كلامنا معهم فنقول: إن من أعظم تلاعب الشيطان باليهود إصرارهم على الكفر بمحمد (صلى اللَّه عليه و سلم)، و حجرهم على اللَّه تعالى في نسخ الشرائع، فحجروا عليه سبحانه أن يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد، و جعلوا هذه الشبهة الشيطانية تراسا لهم في جحد نبوته (صلى اللَّه عليه و سلم) و قرروا ذلك أن النسخ يستلزم البداء [1]، و ذلك يقتضي الجهل بعواقب الأمور، و هو على اللَّه تعالى محال، و ردّ بمنع لزوم البداء من النسخ، و إنما هو بحسب اختلاف مصالح الخلق متعلقا ذلك كله بالعلم الأزلي- كما يأتي تقريره-.


[1] «البداء» في اللغة: مصدر الفعل الثلاثي الماضي «بدا» بمعنى ظهر، يقال: بدا الشي‌ء يبدو، إذا ظهر، فهو باد. أورده ابن فارس في (معجم مقاييس اللغة): 212. و نقله الأزهري في (تهذيب اللغة):

4/ 202 عن الليث. و حكاه الزبيدي في (تاج العروس)، و قد نصّ الفيومي على نفس المعنى في (المصباح المنير): 1/ 55 إلا أنه قال: و يتعدى بالهمزة، فيقال: أبديته، و بدا الشي‌ء يبدو بدوا و بدوّا [بضم الباء و الدال و تشديد الواو] و بداء و بدا- الأخيرة عن سيبويه- ظهر، و أبديته أنا، أظهرته.

و تدور بقية معاجم اللغة حول نفس المعنى الّذي أثبته هؤلاء بأن كلمة «بداء» تعني الظهور، و دلّلوا على ذلك باشتقاقات لغوية، تشير إلى المعنى المذكور.

و إذا أرادت العرب أن ترفع من قيمة الرجل، فهي تصفه بأنه ذو «بدوات» أي ذو آراء تظهر له، فيختار بعضها و يسقط بعضا، و يبدو أن الدلالة تشير إلى تطور فكر المرء في مواقفه إزاء موارد الحياة العامة التي تخضع دائما للتغيير و التباين. يقول أبو دريد: قولهم أبو البدوات، معناه: أبو الآراء التي تظهر له، واحدها: بدأة. و في القرآن الكريم ورد المعنى إحدى و ثلاثين مرة، موزعا على ستة عشرة سورة، يفيد معنى الظهور حسب مدلولات الآيات.

أما «البداء» في الاصطلاح: فقد انسحب على الأمور الممكنة التي تقع في عالم «التكوّن» و التي تمتاز بظاهرة «التغيّر» بحيث تبدو هذه الأمور ثابتة أولا، كأنها تسير وفق سنّة واحدة، و لكن سرعان ما يظهر فيها «التبدّل»، و لهذا اتخذت الحال التي تجري بمقتضاها هذه الحوادث صفة «البداء»، بحيث يظهر منها خلاف ما كانت عليه أولا.

و من هنا ظهرت مشكلة في غاية التعقيد في تطور الجانب الاصطلاحي للكلمة، فمن المتعارف عليه أن الحياة تسير وفق عناية إلهية تامة، و إن اللَّه لا يجوز عليه التّغيّر أو التبدّل، و هو أمر ثابت لكل من تكلم على الظاهرة نفسها، هذا من جهة، و من جهة أخرى فقد يلمس أن هناك تغييرا ملموسا يحدث في دائرة معينة، فهناك تغيّر واضح تسلك بمقتضاه بعض حوادث عالم التكون، و لهذا يتطلب الأمر حلا للمشكلة القائمة بين عدم تغيّر الموقف الإلهي من جانب، و طبيعة التغير الملموس في حوادث عالم التكوين المشمول بالإرادة الإلهية من جانب آخر.

نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين    جلد : 4  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست