نام کتاب : إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال و الأموال و الحفدة و المتاع نویسنده : المقريزي، تقي الدين جلد : 1 صفحه : 62
[ ()] فدعا رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلم) فمسح ضرعها بيده، و سمى اللَّه عزّ و جلّ، و دعا لها في شاتها، فتفاجّت عليه، و درّت، و اجترّت، فدعا بإناء يريض الرّهط، فحلب فيها ثجا، حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت، و سقي أصحابه حتى رووا، ثم شرب آخرهم (صلى اللَّه عليه و سلم) ثم أراضوا.
ثم حلب ثانيا بعد بدء، حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها و بايعها، ثم ارتحلوا عنها، فقال: ما لبثت إذ جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزلا، مخّهنّ قليل، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب و قال: من أين لك هذا؟ و الشاة عازب حائل، و لا حلوبة في البيت، قالت: لا و اللَّه، إلا أنه مرّ بنا رجل مبارك، من حاله كذا و كذا، فقال: صفيه لي يا أمّ معبد، قالت: رأيت رجلا ظاهر الوضاءة، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، و لم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج، و في أشفاره عطف، و في صوته صهل، و في عنقه سطح، و في لحيته كثافة، أزجّ أقرن، إن صمت فعليه الوقار، و إن تكلم سماه و علاه البهاء، أجمل الناس و أبهاهم من بعيد، و أحلاه و أحسنه من قريب، حلو المنطق، فصل لا نذر و لا هذر، كأن منطقه خرزات نظم تحدّرن، ربعة، لا بائن من طول، و لا تقتحمه عين من قصر، غصن بين غصنين، هو انظر الثلاثة منظرا، و أحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، و إن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود، لا عابس و لا معتد.
قال أبو معبد: هو و اللَّه صاحب قريش الّذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، و لقد هممت أن أصحبه، و لأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا. فأصبح صوت بمكة عاليا، يسمعون و لا يدرون من صاحبه:
جزى اللَّه ربّ الناس خير جزائه* * * رفيقين قالا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالهدى و اهتدت به* * * فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيال قصيّ ما زوى اللَّه عنهم* * * به من فعال لا تجازي و سؤدد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم* * * و مقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها و إنائها* * * فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد