أبيهم إبراهيم، فما حجر تطوف به لا يسمع و لا يبصر و لا يضر و لا ينفع، ثم تفرقوا في البلاد يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم، و ظاهر هذا السياق أن تركهم للأوثان كان بعد عبادتهم لها، و سيأتي عن ابن الجوزي أنهم لم يعبدوها.
و هؤلاء الثلاثة الذين زيد بن عمرو رابعهم: ورقة بن نوفل، و عبيد اللّه بن جحش ابن عمته (صلى اللّه عليه و سلم) أميمة، و عثمان بن الحويرث. و زاد ابن الجوزي على هؤلاء الأربعة جماعة آخرين سيأتي الكلام عليهم عند الكلام على أول من أسلم.
و زيد بن عمرو بن نفيل هذا كان ابن أخي الخطاب والد سيدنا عمر أخاه لأمه.
فأما ورقة فلم يدرك البعثة على ما سيأتي. و كان ممن دخل في النصرانية: أي بعد دخوله في اليهودية كما سيأتي.
و أما عبيد اللّه بن جحش، فأدرك البعثة و أسلم و هاجر إلى الحبشة مع من هاجر من المسلمين ثم تنصر هناك كما سيأتي، و كان يمر على المسلمين و يقول لهم: فتحنا و صأصأتم: أي أبصرنا و أنتم تلتمسون البصر و لم تبصروا و مات على النصرانية.
و أما عثمان بن الحويرث، فلم يدرك البعثة، و قدم على قيصر ملك الروم و تنصر عنده.
و أما زيد بن عمرو بن نفيل هذا، كان يوبخ قريشا و يقول لهم: و الذي نفس زيد بن عمرو بيده ما أصبح أحد منكم على دين إبراهيم غيري، حتى أن عمه الخطاب أخرجه من مكة و أسكنه بحراء، و وكل به من يمنعه من دخول مكة كراهة أن يفسد عليهم دينهم، ثم خرج يطلب الحنيفية دين إبراهيم، و يسأل الأحبار و الرهبان عن ذلك حتى بلغ الموصل، ثم أقبل إلى الشام فجاء إلى راهب به كان انتهى إليه علم أهل النصرانية فسأله عن ذلك، فقال له: إنك لتطلب دينا ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم، و لكن قد أظلك زمان نبي يخرج من بلادك التي خرجت منها:
يبعث بدين إبراهيم الحنيفية، فالحق بها فإنه مبعوث الآن هذا زمانه، فخرج سريعا يريد مكة، حتى إذا توسط بلاد لخم عدوا عليه و قتلوه و دفن بمكان يقال له ميفعة.
و قيل دفن بأصل جبل حراء.
هذا و في كلام الواقدي عن زيد بن عمرو أنه قال لعامر بن ربيعة و أنا أنتظر نبيا من ولد إسماعيل. و لا أرى أن أدركه، و أن أدين به و أصدقه، و أشهد أنه نبي، فإن طالت بك مدة فرأيته فسلم مني عليه، قال عامر: فلما أسلمت بلغته (صلى اللّه عليه و سلم) عن زيد السلام قال: فرد (عليه السلام) و ترحم عليه. و تقدم أن ولده سعيدا سأل النبي (صلى اللّه عليه و سلم) أن يستغفر لأبيه زيد، فقال نعم أستغفر له الحديث.
قال: و عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها قالت: قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم): «دخلت