مضمومتين أي ظلمة. و في رواية كأنه شمس دجن: أي ظلام تجلت عنه سحابة قتماء أي من القتام بالفتح و هو الغبار و حوله أغيلمة جمع غلام، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة و لاذ أي طاف بإصبعه الغلام، زاد في بعض الروايات، و بصبصت الأغيلمة حوله: أي فتحت أعينها، و ما في السماء قزعة: أي قطعة من سحاب، فأقبل السحاب من هاهنا و من هاهنا و اغدودق: أي كثر مطره، و انفجر له الوادي، و أخصب النادي و البادي.
و في ذلك يقول أبو طالب من قصيدة يمدح بها النبي (صلى اللّه عليه و سلم) و شرف و كرم أكثر من ثمانين بيتا:
أي ملجأ و غياثا لليتامى، و مانع الأرامل من الضياع. و الأرامل: المساكين من النساء و الرجال، و هو بالنساء أخص و أكثر استعمالا.
أقول: و أخذت الشيعة من هذه القصيدة القول بإسلام أبي طالب: أي لأنه صنفها بعد البعثة و سيأتي الكلام في إسلامه.
و أما ما نقله الدميري في شرح المنهاج عن الطبراني و ابن سعد أن هذه القصيدة التي منها هذا البيت من إنشاء عبد المطلب فهو وهم، لما درج عليه أئمة السير أن المنشئ لها هو أبو طالب، و احتمال توارد كل من أبي طالب و عبد المطلب على هذه القصيدة بعيدا جدا.
و مما يصرح بالوهم ما يأتي عن النبي (صلى اللّه عليه و سلم) من نسبة هذا البيت لأبي طالب، و اللّه أعلم.
قال: و عن أبي طالب قال: كنت بذي المجاز: أي و هو موضع على فرسخ من عرفة كان سوقا للجاهلية كما تقدم مع ابن أخي يعني النبي (صلى اللّه عليه و سلم) فأدركني العطش فشكوت إليه فقلت يا ابن أخي قد عطشت و ما قلت له ذلك و أنا أرى عنده شيئا إلا الجزع: أي لم يحملني على ذلك إلا الجزع: و عدم الصبر. قال: فثنى وركه: أي نزل عن دابته. ثم قال: يا عم عطشت. قلت نعم فأهوى بعقبه إلى الأرض. و في رواية: إلى صخرة فركضها برجله و قال شيئا، فإذا أنا بالماء لم أر مثله، فقال اشرب، فشربت حتى رويت، فقال أرويت؟ قلت نعم، فركضها ثانية فعادت كما كانت و سافر: أي و قد أتت عليه (صلى اللّه عليه و سلم) بضع عشرة سنة مع عمه الزبير بن عبد المطلب شقيق أبيه كما تقدم إلى اليمن، فمروا بواد فيه فحل من الإبل يمنع من يجتاز، فلما رآه البعير برك و حك الأرض بكلكله: أي صدره فنزل (صلى اللّه عليه و سلم) عن بعيره و ركب ذلك الفحل، و سار حتى جاوز الوادي ثم خلى عنه فلما رجعوا من سفرهم مروا بواد