نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 320
كأني جالس على سرير كسرى، فبلغت كسرى فكتب إلى شهربراز إذا أتاك كتابي هذا فابعث إليّ برأس فرّخان. فكتب إليه: أيّها الملك إنّك لن تجد مثل فرّخان، إنّ له نكاية و صوتا في العدوّ فلا تفعل. فكتب إليه: إنّ في رجال فارس خلفا منه، فعجل عليّ برأسه. فراجعه، فغضب كسرى و لم يجبه، و بعث بريدا إلى أهل فارس: إني قد نزعت عنكم شهربراز، و استعملت عليكم فرّخان. ثمّ دفع إلى البريد صحيفة أخرى صغيرة، و قال: إذا ولي فرّخان الملك و انقاد له أخوه، فأعطه [هذه الصحيفة] [1].
فلمّا قرأ شهربراز الكتاب، قال: سمعا و طاعة، و نزل عن سريره و جلس فرّخان، فدفع الصّحيفة إليه فقال: ائتوني بشهربراز فقدّمه ليضرب عنقه.
فقال: لا تعجل عليّ حتى أكتب وصيّتي، قال: نعم. فدعا بالسّفط فأعطاه ثلاث صحائف، و قال: كل هذا راجعت فيك الملك، و أنت أردت أن تقتلني بكتاب واحد! فردّ الملك إلى أخيه، و كتب شهربراز إلى قيصر ملك الرّوم: إنّ لي إليك حاجة لا تحملها البرد، و لا تبلّغها الصّحف، فالقني، و لا تلقني إلا في خمسين روميّا، فإنّي ألقاك في خمسين فارسيّا. فأقبل قيصر في خمسمائة ألف روميّ و جعل يضع العيون بين يديه في الطريق، و خاف أن يكون قد مكر به، حتّى أتته عيونه أنّه ليس معه إلا خمسون رجلا، ثم بسط لهما و التقيا في قبّه ديباج ضربت لهما مع كلّ واحد منهما سكّين، فدعا ترجمانا بينهما، فقال شهربراز: إن الذين خرّبوا مدائنك أنا و أخي بكيدنا و شجاعتنا، و إنّ كسرى حسدنا، فأراد أن أقتل أخي، فأبيت، ثمّ أمر أخي أن يقتلني، فقد خلعناه جميعا، فنحن نقاتله معك. قال: قد أصبتما، ثم أسرّ أحدهما إلى صاحبه:
أن السّر بين اثنين، فإذا جاوز اثنين فشا. قال: أجل، فقتلا التّرجمان جميعا بسكينيهما، فكان هذا أحد أسباب هلاك كسرى [2]
. ذكر الحوادث سنة خمس و ثلاثين من مولده صلى اللَّه عليه و سلم