responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 117
ويظهر من روايات أهل الأخبار أن سادات مكة والمواضع الأخرى من الحجاز كانوا يتوددون إلى الروم وإلى حكام اليمن ليمكِّنوهم من التحكم في شئون مواطنيهم وللسيادة عليهم, وقد روى "ابن قتيبة" أن قصيًّا" استعان بـ"قيصر" في نزاعه مع خزاعة1. وقد تكون مساعدة قيصر له، بإشارته على الغساسنة حلفاء الروم لتقديم العون إليه، ويجوز أن يكون "بنو عذرة" وهم من العرب النصارى النازلين في أطراف بلاد الشام قد ساعدوه بطلب من الروم2.
ولا يستبعد أن يكون تجار اليمن في أيام قصي وبعد موته كانوا يأتون بتجارتهم إلى "مكة"، ثم يقوم تجار مكة بنقلها إلى بلاد الشام، أو بشرائها من تجار اليمن، ثم يقومون هم ببيعها على حسابهم في "بُصْرَى" أو غزة من بلاد الشام. وقد كان يقع اختلاف في بعض الأحيان بين تجار اليمن وتجار مكة، وقد يقع اعتداء على تجار اليمن فيصادر بعض أهل مكة أموالهم ويغتصبونها، كالذي حدث لتاجر من تجار اليمن، مما حداه بالاستجارة بأشراف مكة وسادتها لإنصافه، وأدى الحال إلى عقد حلف الفضول3.
ولطبيعة أهل مكة المستقرين التجار، لزم الابتعاد عن الحروب وعن خلق المشكلات، وحل كل معضلة بالمفاوضات أولًا وبالسلم, كما سعت للاتفاق مع القبائل المجاورة على محالفتها ومهادنتها. وقد أفادت هذه السياسة قريشًا كثيرًا، فظهرت زعامة مكه على القبائل بعد تدهور ملك حمير في السياسة وفي الدين والاقتصاد, ولارتفاع مستوى مكة الثقافي بالنسبة إلى الأعراب، ولزعامتها الدينية على القبائل المجاورة لها، ولاتصال سادتها بالعالم الخارجي، ولوجود جاليات أجنبية فيها طورت حياتها الاقتصادية والصناعية مما جعل القبائل تعترف لها بالتفوق عليها، وتسير في ركابها، وتتبع تقويمها، وتحضر في مواسمها، حتى صارت مكة عند ظهور الإسلام القاعدة للغربية العربية والزعيمة لها، ولذلك كانت رمز مقاومة الإسلام، والحصن العتيد المقاوم له. فلما دك هذا الحصن، دكت المقاومة دكا، واستسلمت المواضع والقبائل للإسلام دون مقاومة تذكر4.

1 المعارف "ص313".
2 Lammens, Mecque, 269, Watt, Muhammad at Mecca, P. 13.
3 Watt, Muhammad at Mecca, P. 13.
4 Wellhausen, Reste, S. 92.
نام کتاب : المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 7  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست