responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، عزالدین    جلد : 1  صفحه : 419
قَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ بَنِي سَعِدٍ، وَمَا أَعْلَمُ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ اللَّهِ أَجْدَبَ مِنْهَا، فَكَانَتْ غَنَمِي تَرُوحُ عَلَيَّ حِينَ قَدِمْنَا شِبَاعًا لُبَّنًا فَنَحْلِبُ وَنَشْرَبُ وَمَا يَحْلِبُ إِنْسَانٌ قَطْرَةً وَلَا يَجِدُهَا فِي ضَرْعٍ، حَتَّى إِنْ كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ قَوْمِنَا لَيَقُولُونَ لِرُعْيَانِهِمْ: وَيْلَكُمُ اسْرَحُوا حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي ابْنَةِ أَبِي ذُؤَيْبٍ! فَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا تَبِضُّ بِقَطْرَةٍ مِنْ لَبَنٍ، وَتَرُوحُ غَنَمِي شِبَاعًا لُبَّنًا.
فَلَمْ نَزَلْ نَتَعَرَّفُ الْبَرَكَةَ مِنَ اللَّهِ وَالزِّيَادَةَ فِي الْخَيْرِ حَتَّى مَضَتْ سَنَتَانِ وَفَصَلْتُهُ، وَكَانَ يَشِبُّ شَبَابًا لَا يَشِبُّهُ الْغِلْمَانُ، فَلَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْهِ حَتَّى كَانَ غُلَامًا جَفْرًا، فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ وَنَحْنُ أَحْرَصُ شَيْءٍ عَلَى مُكْثِهِ عِنْدَنَا لِمَا كُنَّا نَرَى مِنْ بَرَكَتِهِ، فَكَلَّمْنَا أُمَّهُ فِي تَرْكِهِ عِنْدَنَا، فَأَجَابَتْ.
قَالَتْ: فَرَجَعْنَا بِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ بَعْدَ مَقْدِمِنَا بِهِ بِأَشْهُرٍ مَرَّ مَعَ أَخِيهِ فِي بُهْمٍ لَنَا خَلْفَ بُيُوتِنَا إِذْ أَتَانَا أَخُوهُ يَشْتَدُّ فَقَالَ لِي وَلِأَبِيهِ: ذَلِكَ أَخِي الْقُرَشِيُّ قَدْ جَاءَهُ رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ فَأَضْجَعَاهُ وَشَقَّا بَطْنَهُ وَهُمَا يَسُوطَانِهِ! قَالَتْ: فَخَرَجْنَا نَشْتَدُّ فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا مُنْتَقِعًا وَجْهُهُ. قَالَتْ: فَالْتَزَمْتُهُ أَنَا وَأَبُوهُ وَقُلْنَا لَهُ: مَالَكَ يَا بُنَيَّ؟ قَالَ: جَاءَنِي رَجُلَانِ فَأَضْجَعَانِي فَشَقَّا بَطْنِي فَالْتَمَسَا بِهِ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ. قَالَتْ: فَرَجَعْنَا إِلَى خِبَائِنَا، وَقَالَ لِي أَبُوهُ: وَاللَّهِ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْغُلَامُ قَدْ أُصِيبَ فَأَلْحِقِيهِ بِأَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ.
قَالَتْ: فَاحْتَمَلْنَاهُ فَقَدِمْنَا بِهِ عَلَى أُمِّهِ. فَقَالَتْ: مَا أَقْدَمَكِ يَا ظِئْرُ بِهِ وَقَدْ كُنْتِ حَرِيصَةً عَلَى مُكْثِهِ عِنْدَكَ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: قَدْ بَلَّغَ اللَّهُ بِابْنِي، وَقَضَيْتُ الَّذِي عَلَيَّ، وَتَخَوَّفْتُ عَلَيْهِ الْأَحْدَاثَ فَأَدَّيْتُهُ إِلَيْكِ كَمَا تُحِبِّينَ. قَالَتْ: مَا هَذَا بِشَأْنِكِ فَاصْدُقِينِي! وَلَمْ تَدَعْنِي حَتَّى أَخْبَرْتُهَا. قَالَتْ: فَتَخَوَّفْتِ عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَتْ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَإِنَّ لِابْنِي لَشَأْنًا، أَفَلَا أُخْبِرُكِ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: رَأَيْتُ حِينَ حَمَلْتُ بِهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي نُورٌ أَضَاءَ لِي قُصُورَ بُصْرَى مِنَ الشَّامِ، ثُمَّ حَمَلْتُ بِهِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِنْ حَمْلٍ قَطُّ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ وَلَا أَيْسَرَ، ثُمَّ وَقَعَ حِينَ وَضَعْتُهُ وَإِنَّهُ لَوَاضِعٌ يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ. دَعِيهِ عَنْكِ وَانْطَلِقِي رَاشِدَةً.
وَكَانَتْ مُدَّةُ رَضَاعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَتَيْنِ، وَرَدَّتْهُ حَلِيمَةُ إِلَى أُمِّهِ وَجَدِّهِ
نام کتاب : الكامل في التاريخ نویسنده : ابن الأثير، عزالدین    جلد : 1  صفحه : 419
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست