النَّحْوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ[1] أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُعَدِّلُ بِحَلَبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَصْفَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ الْمَكِّيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ صَاحِبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا حَجَّ مُعَاوِيَةُ نَزَلَ الْمَدِينَةَ فَاسْتُؤْذِنَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِجُلَسَائِهِ: إِذَا أَذِنْتُ لِسَعْدٍ وَ جَلَسَ فَخُذُوا مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَذِنَ لَهُ، وَ جَلَسَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ.
قَالَ: وَ شَتَمَ الْقَوْمُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ)، فَانْسَكَبَتْ عَيْنَا سَعْدٍ بِالْبُكَاءِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: مَا يُبْكِيكَ يَا سَعْدُ أَ تَبْكِي أَنْ يُشْتَمَ قَاتِلُ أَخِيكَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: وَ اللَّهِ مَا أَمْلِكُ الْبُكَاءَ، خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ مُهَاجِرِينَ حَتَّى نزل [نَزَلْنَا] هَذَا الْمَسْجِدَ- يَعْنِي مَسْجِدَ الرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)- وَ كَانَ فِيهِ مَبِيتُنَا وَ مَقِيلُنَا، إِذْ أُخْرِجْنَا مِنْهُ وَ تُرِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِيهِ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَ هِبْنَا نَبِيَّ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَنْ نَذْكُرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَتَيْنَا عَائِشَةَ فَقُلْنَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لَنَا صُحْبَةً مِثْلَ صُحْبَةِ عَلِيٍّ، وَ هِجْرَةً مِثْلَ هِجْرَتِهِ، وَ إِنَّا قَدْ أُخْرِجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ وَ تُرِكَ فِيهِ، فَلَا نَدْرِي مِنْ سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ، أَوْ مِنْ غَضَبٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَاذْكُرِي لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّا نَهَابُهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ، لَا وَ اللَّهِ مَا أَنَا أَخْرَجْتُهُمْ، وَ لَا أَنَا أَسْكَنْتُهُ، بَلِ اللَّهُ أَخْرَجَهُمْ وَ أَسْكَنَهُ.
وَ غَزَوْنَا خَيْبَرَ فَانْهَزَمَ عَنْهَا مَنِ انْهَزَمَ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ الْيَوْمَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ، وَ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، فَدَعَاهُ وَ هُوَ أَرْمَدُ فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ وَ أَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ.
وَ غَزَوْنَا تَبُوكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَوَدَّعَ عَلِيُّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَ بَكَى، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ: كَيْفَ لَا أَبْكِي وَ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْكَ فِي غَزَاةٍ مُنْذُ بَعَثَكَ اللَّهُ (تَعَالَى)، فَمَا بَالُكَ تُخَلِّفُنِي فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): أَ مَا تَرْضَى يَا عَلِيُّ أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): بَلْ رَضِيتُ.
[1] في نسخة: الحسين.