فاطمة الزهراء تصف الوضع الجاهلي :
وقد وصفت السيّدة فاطمة الزهراء بنتُ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم العهدَ الجاهلي بمثلِ ذلك إذ قالت في خطبتها أمام أبي بكر والمسلمين [١] :
« فَبَلَّغَ ( اي رسولُ اللّه ) بالرِّسالة صادِعاً بالنَّذارة [٢] مائلا عَلى مَدْرَجَةِ المُشْركيْن ضارباً ثَبَجَهُمْ [٣] آخِذاً بأَكْظامِهمْ داعِياً إلى سَبِيْل رَبِّه بِالحِكْمَةِ وَالْمَوْعظَةِ الْحَسَنَةِ يَكْسِرُ الاَْصْنامَ وينْكُثُ الهامَ [٤] حتّى انْهَزَمَ الجَمْعُ وَوَلُّوا الدُّبُر حَتى تَفَرّى الليلُ عَنْ صُبْحِهِ وَاَسْفَرَ الحَقُ عَنْ محْظِهِ [٥] وَنَطَقَ زَعيمُ الدين وَخَرستْ شَقاشقُ [٦] الشَّياطين وأطاحَ وَشِيظُ [٧] النَّفاقِ وانَّحَلَّتْ عُقَدُ الْكُفْر والشِّقاقِ وَفُهْتُمْ بِكَلِمَةِ الاخْلاص في نفَر مِنَ البيض الْخِماص وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَة مِنَ النّار مُذْقَةَ [٨] الشّارب وَنُهْزَة [٩] الطامِع وقَبْسَةِ العِجْلان [١٠] وَمَوطىءَ الأَقْدامِ تَشْرَبُونَ الطَرقَ [١١]. وَتَقْتاتُونَ القِدَّ [١٢] وَالوَرق أذِلَّةً خاسِئينَ تَخافُونَ اَنْ يَتخَطَّفَكُم النّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ فَأَنْقَذكُمُ اللّه تَعالى بِمُحَمَّد بَعْدَ اللُّتَيّا وَالَّتي بَعْدَ أن مُنِيَ بِبُهْم [١٣] الرجال وَذُؤبانِ الْعَرَب وَمَرَدة أهْلِ الْكِتاب [١٤] كُلَّما أوْقَدُوا ناراً لِلْحَرب أطْفأَها اللّه ، أوْ نجَمَ [١٥] قَرْنُ الشَّيْطانِ أوْ فَغرَتْ [١٦] فاغِرَةً مِنَ الْمُشركيْن ، قَذَفَ أخاهُ في لَهواتِها [١٧] فَلا يَنْكَفِئُ [١٨] حَتّى يَطَأ صِماخَها بَأخْمصِهِ ».
١ ـ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد وبلاغات النساء وغيرهما.
٢ ـ النذار : الأنذار.
٣ ـ الثبج : الكاهل.
٤ ـ الهامة : الرأس.
٥ ـ المحض : الخالص.
٦ ـ الشقشقة : شيء يشبه الرئة يخرج من فم البعير أذا هاج.
٧ ـ الوشيظ : الأتباع والخدم.
٨ ـ المذقة : شربة من اللبن الممزوج بالماء.
٩ ـ النهزة : الفرصة.
١٠ ـ قبسة العجلان : الشعلة من النار الّتي يأخذها الرجل العاجل.
١١ ـ الطرق : الماء الّذي خوضته الابل وبوّلت فيه.
١٢ ـ القد : قطعة جلد غير مدبوغ.
١٣ ـ البهمة : الشجاع الذي لا يهتدي من أن يؤتى.
١٤ ـ المارد : العاتي.
١٥ ـ نجم : طلع.
١٦ ـ فَغرت : فتحت.
١٧ ـ اللهاة : اللحمة المشرفة على الحلق في أقصى الفم.
١٨ ـ ينكفئ : يرجع.