نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 317
مثالٌ واضح في المقام :
إذا قلنا : ان وظيفة
الانبياء في تربية الناس واصلاح نفوسهم هي وظيفة البستاني في تربية شجيرة من
الشجرات ، أو قلنا : أن مَثَل الأنبياء في قيادة التوجّهات الفطرية البشرية
وهدايتها ، مثل المهندس الذي يستخرج المعادن الثمينة من بطون الاودية والجبال ، لم
نكن في هذا القول مبالغين.
وتوضيح ذلك ان النبتة ، أو الشجيرة
الصغيرة تحمل من بداية انعقاد حبتها الاُولى كل قابليات النمو ، والرشد ، فاذا
توفَر لها الجوُ المناسب للنمو ، دبّت الحياة والحركة في كل أجزائها ، واستطاعت
بفعل جذورها القوية واجهزتها المتنوعة وفي الهواء الطلق ، والضوء اللازم ، من أن
تقطع أشواطاً كبيرة من التكامل ، والنمو.
فمسؤولية البستاني في هذه الحالة تتركز
في امرين :
١ ـ توفير الظروف اللازمة لتوقية جذور
تلك النبتة لكي تظهر القوى المودعة في تلك النبتة أو الشجيرة ، وتخرج من حيّز
القوة إلى مرحلة الفعلية ، والتحقق.
٢ ـ الحيلولة دون تعرض تلك الشجرة أو
النبتة للانحرافات والآفات ، وذلك عندما تتجه القوى الباطنية صوب الوجهة المخالفة
لسعادتها ، وتسلك طريقاً ينافي تكاملها.
ومن هنا فان مسؤولية البستاني ووظيفته
ليست هي ( الإنماء ) بل هي ( المراقبة ) وتوفير الظروف اللازمة ليتهيّأ لتلك
الشجرة والنبتة أن تبرز كمالها الباطني.
لقد خلق اللّه سبحانه البشرَ وأودع في
كيانه طاقات متنوعة ، وغرائز كثيرة ، وعجن فطرته وجبلَّته بالتوحيد ، وحبّ معرفة
اللّه ، وحبّ الحق والخير ، والعدل والانصاف ، كما وأودع فيه غريزة السعي والعمل.
وعندما تبدأ خمائر هذه الامور وبذورها
الصالحة المودوعة بالعمل والتفاعل في كيان الإنسان تتعرض في الجو الاجتماعي لِبعض
الانحرافات بصورة قهرية ،
نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 317