نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 254
سببٌ ثالث :
ولقد كان هذا العمل ( أي الاشتغال برعي
الاغنام في البراري والقفار وعند السهول وسفوح الجبال ) فرصة جيدة لأن يتمكن
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
من النظر في خلق السماوات والتطلع في النجوم والكواكب وأحوالها وأوضاعها ،
وبالتالي الامعان في الآيات الأنفسية والآفاقية التي هي جميعاً من آيات وجود اللّه
تعالى ، ومن مظاهر قدرته وحكمته وعلمه وإرادته.
ان قلوب الأنبياء والمرسلين مع أنها
منوَّرة بمصابيح المعرفة المشرقة ومضاءة بأنوار الايمان والتوحيد منذ بدء فطرتها ،
وخلقتها ، ولكنهم مع ذلك لا يرون انفسهم في غنىً عن النظر في عالم الخلق ، والتفكر
في الآيات الالهية ، إذ من خلال هذا الطريق يصلون إلى أعلى مراتب الايمان ،
ويبلغون اسمى درجات اليقين ، وبالتالي يتمكنون من الوقوف على ملكوت السماوات
والأرضين.
إقتْراحُ أبي طالب :
لقد دفع وضع ( محمَّد ) المعيشي الصعب «
أبا طالب » سيد قريش وزعيمها الّذي كان معروفاً بالسخاء وموصوفاً بالشهامة ، وعلو
الطبع ، وإباء النفس إلى ان يفكر في عمل لابن أخيه ، كيما يخفف عنه وطأة ذلك
الوضع.
ومن هنا اقترح على ابنه أخيه « محمَّد »
العمل والتجارة بأموال « خديجة بنت خُويلد » الّتي كانت امرأة تاجرة ، ذات شرف
عظيم ، ومال كثير ، تستأجر الرجال في مالها أوتضاربهم اياه بشيء تجعله لهم منه.
فقد قال أبو طالب للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا ابن
أخي هذه خديجة بنت خويلد قد انتفع بمالها اكثر الناس وهي تبحث عن رجل أمين ، فلو
جئتها فوضعتَ نفسَك عليها لأسرعتْ اليك ، وفضَّلتك على غيرك ، لما يبلغها عنك من
طهارتك.
ولكن إباء رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلوّ طبعه
، منعاه من الإقدام
نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 254