نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 143
عين زمزم كيف ظهرت؟
لقد غادر « إبراهيم » عليهالسلام أرض مكة تاركاً
زوجته وولده « إسماعيل » بعيون دامعة ، وقلب يملأوه الرضا بقضاء اللّه والامل
بلطفه وعنايته.
فلم تمض مدة إلا ونفد ما ترك عندهما من
طعام وشراب ، وجف اللبن في ثديي « هاجر » ، وتدهورت أحوال الرضيع « إسماعيل » ،
وكانت دموع الام الحزينة تنحدر على حجره ، وهي تشاهد حال وليدها الّذي قد أخذ
العطش والجوع منه مأخذاً.
فانطلقت من مكانها فجأة تبحث عن الماء
حتّى وصلت إلى جبل « الصفا » فرأت من بعيد منظر ماء عند جبل « مروة » ، فاسرعت
إليه مهرولة ، غيران الّذي رأته وظنته ماء لم يكن الاّ السراب الخادع ، فزادها ذلك
جزعاً وحزناً على وليدها ممّا جعلها تكرر الذهاب والاياب إلى الصفا والمروة أملا
في أن تجد الماء ولكن بعد هذا السعي المتكرر ، والذهاب والاياب المتعدد بين الصفا
والمروة عادت إلى وليدها قانطةً يائسةً.
كانت أنفاس الرضيع الظامئ ودقّات قلبه
الصغير قد تباطأت بل واشرفت على النهاية ، ولم يعد ذلك الرضيع الظامئ قادراً على
البكاء ولا حتّى على الانين.
ولكن في مثل هذه اللحظة الحرجة الصعبة
استجاب اللّه دعاء خليله وحبيبه « إبراهيم » ، إذ لاحظت هاجر الماء الزلال وهو
ينبع من تحت اقدام « اسماعيل ».
فسرت تلك الام المضطربة ـ الّتي كانت
تلاحظ وليدها وهو يقضي اللحظات الاخيرة من حياته ، وكانت على يقين بانه سرعان ما
يموت عطشاً ، وجهداً ـ سروراً عظيما بمنظر الماء ، وبرق في عينيها بريق الحياة ،
بعد ان اظلمت الدنيا في عينيها قبل دقائق ، فشربت من ذلك الماء العذب ، وسقت منه
رضيعها الظامئ ، وتقشعت بلطف اللّه وعنايته وبما بعثه من نسيم الرحمة الربانية كل
غيوم اليأس ، وسحُب القنوط الّتي تلبدت وخيمت على حياتها.
نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 143