و قد ناقش هذا الخبر الشيخ أبو ريّة، نقاشا موضوعيا سليما في كتابه القيّم «أضواء على السّنة المحمّدية» فنقل تشكيك استاذه الشيخ محمّد عبده في تفسيره اذ قال «و المحقق عندنا انّه ليس للشيطان سلطان على عباد اللّه المخلصين، و خيرهم الأنبياء و المرسلون. أمّا ما ورد في حديث ازالة حظّ الشيطان من قلبه-صلّى اللّه عليه[و آله]و سلّم-فهو من الأخبار الظنية، لأنّه من رواية الآحاد، و لمّا كان موضوعها عالم الغيب، و الايمان بالغيب من قسم العقائد، و هي لا يؤخذ فيها بالظّن، لقوله تعالى إِنَّ اَلظَّنَّ لاََ يُغْنِي مِنَ اَلْحَقِّ شَيْئاً* كنّا غير مكلّفين بالايمان بمضمون تلك الأحاديث في عقائدنا» [1] .
و الشيخ عبده اذ ينفي سلطان الشيطان على المخلصين من عباد اللّه يستند الى ما جاء في سورة الحجر من الكتاب العزيز في قوله سبحانه قََالَ رَبِّ بِمََا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي اَلْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ `إِلاََّ عِبََادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ `قََالَ هََذََا صِرََاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ `إِنَّ عِبََادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطََانٌ إِلاََّ مَنِ اِتَّبَعَكَ مِنَ اَلْغََاوِينَ[2] و قد جاء أبو ريّة بهذه الآيات ثمّ قال: فكيف يدفعون الكتاب بالسنّة، أو يعارضون المتواتر الّذي يفيد اليقين، بأحاديث الآحاد الّتي لا تفيد الاّ الظن ان صحّت [3] .
و قال: و قد نصّت هذه الروايات على أنّ صدره-صلوات اللّه عليه-
[1] تفسير القرآن الحكيم 3: 291، 292 كما في الأضواء: 188.