لعلّ خير ما يصور منزلة
القطب الراونديّ هو دراسة آثاره الكثيرة التي خلّفها و تبيان قيمتها مقارنة
بمثيلاتها، و مدى اهتمام العلماء و الباحثين و الدارسين بها في العصور التالية، و
المساهمة الفعّالة و الجادّة الّتي قدمتها للعالم الإسلامي في مختلف عصوره.
على أنّ مهارته- قدّس
سرّه- و براعته تظهران في أحسن الوجوه إشراقا، و أكثرها تألّفا عند دراستنا له
محدّثا يعنى بهذا الفن.
فقد مهر في علم الحديث و
صنّف فيه الكتب الكثيرة، الخرائج و الجرائح و الدعوات و القصص و ... كما برع في
غيره من العلوم، و ألّف فيها. سرد من ترجم له من أصحاب المعاجم الرجاليّة قائمة
لأسماء مؤلّفاته، نيّفت على الستّين.
و من أشهر هذه الكتب و
أكبرها:
كتاب الخرائج و
الجرائح
و هو هذا السفر الجليل
العظيم الذي نقدّمه اليوم للقرّاء، و هو يعد من أعظم كتب المعجزات و دلائل نبوّة
نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله و إمامة الأئمة عليهم السّلام التي انتهت إلينا من
تراث علمائنا الأقدمين، ترتيبا و تنقيحا، و توثيقا و إحكاما، و إحاطة و شمولا، فهو
ينبئ عن سعة اطّلاع مؤلّفه- قدّس سرّه- على كلّ ما سبقه من تآليف في موضوعه، و
دراية تامّة بمعجزاتهم، و ما قيل في حقّهم عليهم السّلام. و يتميّز عن غيره من
الكتب الّتي الّفت في بابه أنّه استطاع التوفيق بين المعجزات و الدلائل و المسائل
الكلاميّة الواردة عليها.
و لم يقتصر على نوع
معيّن من المعجزات بل تنوّعت فشملت مختلف أشكالها.
و كان للقطب الراونديّ
أسلوبه المتميّز في صياغة روايات كتابه هذا، و أسلوب عرضها، الأمر الذي دفعه في
أغلب الأحيان إلى اختصار المادّة الروائيّة المرويّة باسهاب في مؤلّفات من سبقه
باسلوبه الخاص، و لم ير في ذلك ضيرا، طالما قد توخّى